الأربعاء، 15 فبراير 2012

مجزؤة الاخلاق - الحرية -

الأخلاق – الحرية
الحــــرية والقانون
حريــــة الإرادة
الحرية و الحتــــمية
- عالج العقل خلال عصر الأنوار مفهوم الحرية في علاقته بالمجتمع والقانون والسياسة . ذلك لأن الإنسان لا يتمتع بحريته الحقيقية إلا ضمن
 علائق مجتمعية تحكمها القوانين من سلوكات وأفعال داخل المجتمع، لأن هذه القوانين هي الضامنة لحرية الإنسان .
وبما ان القوانين والقواعد تحدد الحرية .
* يرى " ماكس سترنر" بأن الحرية مستحيلة في الدولة ، لأن الدولة تحد من حرية الفكر والعمل بواسطة قوانينها التنظيمية .
* أما "دوركايم" فيقول بأن الجمع بين الحرية وغياب النظام يعتبر تناقضا.وبالتالي فإن اعتبار الحرية حقا لكل شخص يستلزم وجود نظام سياسي وقوانين تنظم الحرية وتحدد ميدان تعايش الحريات. ويبقى المجال الحقيقي للحرية هو المجال السياسي القائم على إمكانية الفعل والكلام.
لا يدرك الإنسان حريته إلا عندما يمارسها بطريقة فعلية وملموسة ، فحينما يقيم علاقات مع الاخرين في مجالات عمومية ، وعندما ينتقل بكل حرية وامان، ويتكلم ويعبر عن رأيه، فإن هذه اذن هي الحرية الحقيقية.   
- اهتم الفكر الفلسفي المعاصر بإشكال الحرية في علاقتها بالضرورة، وذلك انطلاقا من نتائج العلوم الإنسانية التي أكدت على أن الإنسان خاضع لمجموعة من الشروط النفسية والاجتماعية والتاريخية.ومن هنا نتساءل هل يمكننا الحديث عن إرادة حرة؟ وما هي درجة تحكم إرادتنا في حياتنا؟ وهل نحن مسؤولون عن أفعالنا أم مضطرون إليها؟
* يعتبر "ديكارت" المعرفة مجالا حقيقيا تستطيع فيه الإرادة الحرة ان تختار بكل حرية وان تصدر احكامها . وفي هذا السياق ميز ديكارت بين حرية سلبية تتجلى في اللامبالاة، وبين حرية ايجابية تتمثل في القدرة على التصور والحكم والتحرير.
* أما " كانك " فقد ذهب إلى أن المجال الذي تمارس فيه الإرادة الحرة فعلها هو مجال الاخلاق. ذلك أن الإنسان يستطيع ككائن عاقل، أن يعتمد على إرادته الحرة في وضع القواعد العقلية للفعل الإنساني. وعندما يخضع الإنسان لهذه القواعد فإنه يذعن لإرادته ويمارس حريته. وعند تحدث كانط عن حرية الإرادة فإنه يقتضي مثل شوبنهاور من مجال الفعل الإنساني الجمالي أو الأخلاقي،الرغبات والأهواء والميولات.
* ويرى "نيتشه" ان الأخلاق الكنطية قد أقصت كل ما هو مادي، غريزي وحسي في الإنسان لذلك يذهب إلى القول بضرورة مقاومة "المثل الزهدي" في الأخلاق المسيحية بإرادة حرة تطلب الحياة وتدافع عما هو إنساني في التجربة الإنسانية.
- ارتبط مفهوم الحرية في التفكير الفلسفي اليوناني بنشأة وشروط الممارسة السياسية .وقد أعطى هذا التفكير الفلسفي حق الحرية للأسياد دون العبيد،لان العبد على حد تعبير "أرسطو" مجرد آلة حية. فللسيد وحده الحق في ممارسة النشاط السياسي والتأمل النظري.
  ومع الفلسفة الأبيقورية اتجه التفكير في الحرية إلى البحث في علاقة الحرية بالضرورات الداخلية ( الغرائز والأهواء) والخارجية (المجتمع وقوانين الطبيعة).
* ينظم "ابيقور" إلى هذا السجال بحيث يعتبر أن الحر لم يعد هو نقيض العبد أو السجين، بل أصبح الإنسان الحر هو من تخلص من اكراهات الغرائز والرغبات ، وعاش طبقا لنظام العقل والطبيعة.لذلك تم التركيز على حرية الفرد باعتبارها حرية داخلية يعيشها ويشعر بها رغم خضوعه لضوابط المجتمع و اكراهاته .
وإذا انتقلنا إلى الثقافة الإسلامية نجد التفكير في الحرية انصب لدى الفلاسفة العرب والمسلمين على علاقة الفعل البشري بالفعل الإلهي .فهذه فرقة الجبرية قالت بأن الإنسان مجبر على أفعاله، وقالت فرقة المعتزلة بحرية الانسان في اختيار افعاله بكل مسؤولية. فللإنسان قدرة وارادة يستطيع بهما فعل الخير والشر ، ولكنه محكوم في ذات الوقت بضروريات مثل قوانين الطبيعة. وقد تم حل إشكال الفعل الإنساني في اطار تصور ديني فلسفي جمع بين الحرية والحتمية.
* ويرفض " ميرلو بونتي " في إطار إشكال علاقة الحرية الإنسانية مع الحتمية والضرورة، فكرة الحرية المطلقة كما تصورها الفيلسوف الوجودي "سارتر"، كما يرفض "ميرلو بونتي" القول بالحتميات الطبيعية والنفسية والاجتماعية التي ارتكزت عليها بعض التيارات في العلوم الانسانية . فهذه مواقف تعبر حسب "ميرلو بونتي " عن خطأ في فهم الوجود الإنساني :ذلك أن الإنسان كائن موضوعي موجود في العالم ومع الآخرين . وفي خضم الاكراهات التي تحكم الإنسان ـــ عوامل تاريخية ، اقتصادية اجتماعية وثقافيةـــ فإنه يستطيع ، رغم ذلك، تغيير اتجاه حياته بحيث يعطي لحياته معنى حرا وإراديا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق